منذ فترة زمنية وجيزة، شعرت بألم شديد في أحدي ساقي، فذهبت مسرعة إلى الطبيب، فطلب مني بعض الفحوصات وشخص حالتي بجلطة الأوردة العميقة، فهل سمعت عنها من قبل؟ وهل تعرف ماهي أعراضها ومخاطرها؟
فهيا بنا نتجول سويًا في هذا المقال، لنلقي الضوء على كل ما يخص جلطة الأوردة العميقة، والفرق بينها وبين جلطة الأوردة السطحية.
ما هي جلطة الأوردة العميقة ( DVT)؟
هي جلطة دموية تتكون داخل أحد الأوردة العميقة بالجسم، غالبًا في أسفل الساق، أو الكاحل أو الفخذ، كما يمكن أن تتكون في أجزاء أخرى من الجسم مثل البطن أو الحوض أو الذراع أوالمخ .
يرجع سبب حدوثها إلى بطء حركة الدم في الأوردة، مما يسمح بتكوين كتل دموية تسمى جلطة.
وتتمثل الأسباب الرئيسية للإصابة بجلطة الأوردة العميقة في تعرض أحد الأوردة لضرر جسيم، نتيجة للجراحة أو الالتهابات أو الإصابة بالعدوى.
بعدما تعرفنا على ما هي جلطة الأوردة العميقة، لا يفوتنا الحديث عن الفرق بين جلطة الأوردة العميقة وجلطة الأوردة السطحية في الساق، إذ يختلفان في مكان تكون الجلطة وطرق علاجها.
الفرق بين جلطة الساق السطحية والعميقة
تحدث جلطة الساق السطحية في أوردة الساق القريبة من الجلد، بينما تحدث جلطة الساق العميقة في أحد الأوردة العميقة داخل عضلات الساق.
فضلًا عن ذلك، لا تمثل الإصابة بجلطة الساق السطحية خطورة على حياتك، لكنها تجعلك أكثر عرضة لخطر الإصابة بجلطة الأوردة العميقة والتي لها مضاعفات قد تهدد حياتك، سنذكرها لاحقًا.
.
بالإضافة إلى ذلك، غالبا ما تختفي جلطة الساق السطحية تلقائيًا دون علاج ، لكن يساعدك وضع الكمادات الدافئة واستخدام المسكن من تخفيف شدة الألم. على عكس جلطة الأوردة العميقة فلابد لها من علاج
كما تختلف أعراض جلطة الساق السطحية عن العميقة، في أن الأولى:
- يظهر فيها الجلد فوق الوريد المصاب بلون أحمر أو أرجوانيا.
- تشعر بالألم ودفء المكان عن تحسسه.
- كما تشعر بأن الوريد تحت الجلد. بمثابة حبل صلب وليس رخوا كما في الوضع الطبيعي.
ومن الجدير بالذكر، أن جلطة الأوردة العميقة تسبب التهابًا طفيفًا، بينما جلطة الأوردة السطحية تسبب التهابًا حاداً ومفاجئا؛ مما يسبب في التصاق الجلطة بقوة في جدار الوريد، ويقلل من احتمال تفككها على خلاف جلطة الأوردة العميقة.
بالإضافة إلى ذلك، تكمن عدم خطورة جلطة الأوردة السطحية بأنها غير محاطة بعضلات، وبالتالي فإن احتمالية تحركها عبر الدم من مكان إلى آخر نادرة.
وبعدما استعرضنا الفرق بين جلطة الأوردة السطحية والعميقة بكل دقة، حان الآوان لاستكمال حديثنا عن جلطة الأوردة العميقة من حيث الأعراض وعوامل الخطورة والعلاج.
أعراض جلطة الأوردة العميقة
تختلف أعرض جلطة الأوردة العميقة من شخص لآخر، بل وربما لا تظهر أعراض إلا بعد حدوث مشكلة صحية كبيرة.
يمكنك ملاحظة هذه الأعراض:
- تورم مفاجئ في الساق أو الذراع.
- ألم نابض في الساق -غالبا في ربلة الساق او الفخد- يزداد عند المشي أو الوقوف.
- الشعور بالسخونة في مكان الجلطة.
- احمرار أو زرقة في مكان الجلطة.
- احتقان الأوردة.
بالإضافة إلى الأعراض السابقة، يعد أهم ما يميز جلطة الأوردة العميقة هو حدوث تورم في ساق واحدة فقط (نادرًا ما يصيب الساقين) مما يؤدي إلى زيادة حجم إحدى الساقين مقارنة بالأخرى.
.
وكما ذكرنا سابقًا، في كثير من الأحيان لا تظهر أعراض للجلطة، ولكن تُكتشف عندما ينفصل جزء منها، وينتقل عبر الدم مسببًا جلطة الرئة (pulmonary Embolism).
نظرًا لخطورة جلطة الرئة، فهي تصنف على أنها حالة طبية طارئة مهددة للحياة تستدعي الذهاب الفوري إلى عيادة الطوارئ ، لذلك ينبغي عليك الانتباه إلى أعراضها لتفادي المضاعفات.
أعراض جلطة الرئة (الإنصمام الرئوي):
- تسارع ضربات القلب.
- صعوبة في التنفس.
- ألم شديد بالصدر-لا سيما- مع النفس.
- شعورك بالدوار.
- الإغماء.
- ظهور دم مع السعال.
- هبوط في ضغط الدم
جدير بالذكر، تعد جلطة الرئة من أخطر مضاعفات جلطة الأوردة العميقة، إذ ينفصل جزء من الجلطة الدموية بالساقين وتنتقل إلى أعلى عبر الدم إلى أن تستقر في أحد شرايين الرئتين.
يعمل كل ما سبق على منع تدفق الدم إلى أجزاء من الرئة، مما يسبب الأعراض السابق ذكرها، وإذا تركت دون علاج، قد تؤدي الموت.
وكما هو الحال في أغلب الأمراض، هناك عوامل خطورة -يرجى الانتباه إليها- تجعلك أكثر عرضة للإصابة بجلطة الأوردة العميقة عن غيرك، سنسردها لك في السطور القادمة.
عوامل تزيد من خطورة إصابتك بجلطة الأوردة العميقة
هناك عدة عوامل تزيد من تكوين الجلطة:
- السن: بالرغم من عدم ارتباط الإصابة بجلطة الأوردة بسن محدد، تزداد فرص الإصابة بعد سن الستين.
- عدم الحركة لفترة طويلة مثل: الجلوس في الطائرة أو السيارة.
- الإصابة بالشلل.
- بعد إجراء أي عملية جراحية؛ نتيجة عدم الحركة أيضًا.
- الحمل، يؤدي وجود جنين إلى الضغط على أوردة الساق، وغالبًا ما تحدث جلطة وريدية في خلال ستة أسابيع بعد الولادة.
- السمنة.
- الجفاف.
- تعانين دوالي الساقين
- لديك حالات مرضية مزمنة مثل: السرطان، أو أمراض القلب، أو القولون العصبي، أو مرض كورن، أو أمراض الرئة.
- أمراض وراثية.
- لديك تاريخ عائلي للإصابة بجلطة الأوردة العميقة، الانسداد الرئوي.
- إصابة الوريد خلال حادثة، أو جراحة أو كسور العظام.
- التدخين إذ يزيد من لزوجة الدم.
- العلاج بالهرمونات مثل حبوب منع الحمل.
- الإصابة بعدوى في مجرى الدم (تعفن الدم)
- وجود التهاب.
- زيادة نسبة الدهون الضارة في الدم.
كيفية تشخيص جلطة الأوردة العميقة
تتشابه أعراض جلطة الأوردة العميقة مع أعراض أمراض أخرى مثل إصابة العضلات، أو التهاب النسيج الخلوي
أو الكسور أوالالتواءات.
كما تتشابه أعراض جلطة الرئة أيضًا مع أعراض النوبات القلبية والالتهاب الرئوي.
لذلك أصبح من الضروري زيارة عيادة الطوارئ؛ لفحص المريض بدنيًا وعمل فحوصات طبية لتشخيص الحالة.
فحوصات لتشخيص جلطة الأوردة العميقة
التصوير بالموجات فوق الصوتية المزدوجة ( Duplex ultrasonography)
تستخدم لتصوير تدفق الدم في الأوردة، واكتشاف وجود جلطات دموية فيها. ويعد من الاختبارات التشخيصية الدقيقة المستخدمة بكثرة والتي يمكن الاعتماد عليها.
تحليل الدم لقياس دي دايمر D-dimer blood test
يقيس هذا الاختبار مادة (الدي-دايمر) في الدم، إذ أثبتت الدراسات أن الجسم يطلق بروتين (الدي-دايمر) في الدم عند وجود جلطة في الأوردة العميقة.
تصوير الأوردة بالصبغة ( contrast venography)
يعد من أدق الاختبارات التشخيصية لجلطات الدم، وهو نوع من أنواع التصوير بالأشعة السينية، حيث تحقن الصبغة في وريد كبير بالقدم أو بالكاحل، ليتمكن الطبيب من رؤية الأوردة العميقة بوضوح، ونظرا لكونه إجراءً جراحيًا، فهو يستخدم فقط في حالات بعينها.
وبطبيعة الحال يعتمد التشخيص الدقيق على دقة الأجهزة المستخدمة، وتطبيق أحدث التقنيات وكفاءة أخصائي الأشعة، لذلك نوصي بزيارة أفضل مركز أشعة بالرياض وهو في مجمع عيادات رها الطبية.
علاج جلطات الأوردة العميقة
بعد تحقق الطبيب من إصابتك بجلطة الأوردة العميقة يبدأ في وضع خطة علاجية تهدف إلى:
- منع زيادة حجم الجلطة الدموية.
- منع تفتتها، وانتقالها إلى مكان آخر.
- وتقليل فرص الإصابة بها مرة أخرى.
- منع المضاعفات طويلة المدى مثل القصور الوريدي المزمن.
بداية، ينصحك الطبيب بعدم الحركة إلا في الظروف القصوى خلال أول أسبوعين، لمنع انفصال جزء من الجلطة، وانتقالها عبر الدم إلى الرئتين لتكوين الجلطة الرئوية والتي سبق وتكلمنا عن أعراضها.
كذلك يوصي الطبيب بأن تستلقى على السرير مع رفع رجليك على وسادة وذلك لتخفيف تورم الساقين، وتحسين الدورة الدموية
بعد ذلك يصف لك الطبيب العلاج الدوائي والذي يتمثل في:
أولًا أدوية مضادات التخثر أو ما يسمى مميعات الدم.
بالرغم من أنها تعد خط الدفاع الأول في علاج جلطة الأوردة العميقة، إلا إنها لا تستطيع إذابة الجلطة أو تدميرها، بل يقتصر دورها على:
- منع تخثر الدم
- الحد من ازدياد حجم الجلطة.
- منع الجلطة من الحركة.
- تسهيل مرور الدم إلى الجزء المصاب.
جدير بالذكر، يذيب جسمك الجلطة بشكل طبيعي في غضون ثلاثة أشهر، لكن عادة لا تختفي الجلطات بشكل نهائي بل تنكمش وتكون ندبات صغيرة داخل الوريد.
مما قد ينتج عنه في بعض الأحيان تورم الساق، وأحيانا لا تترك أثراً.
أهم أدوية مضادات التخثر (Anticoagulants)
هناك العديد من الأدوية منها ما يعطى عن طريق الحقن الوريدي أو تحقن تحت الجلد مثل الهيبارين
ومنها ما يؤخذ عن طريق الفم مثل الوارفارين، أو ريفاروكسبان warfarin, rivaroxaban
وعادة يصفها الطبيب الدواء لمدة ثلاثة شهور متواصلة أو أكثر من ذلك، وفقًا لتاريخك المرضي للإصابة بجلطة الأوردة العميقة، أو وجود عوامل خطر الإصابة بالجلطة.
عادة يصف الطبيب دواء الوارفارين ،إذ أنه من أكثر الأدوية الفموية إستخدامًا لعلاج جلطة الأوردة العميقة، ولكن هناك معلومات يجب عليك معرفتها عند استخدامك لهذا الدواء.
معلومات هامة عن دواء الوارفارين
- يبدأ دواء الورفارين مفعوله بعد خمس أيام من استخدامه، لذلك يصف لك الطبيب دواء أخر معه من مضادات التخثر خلال أول ثلاث أيام.
- يتطلب استخدامك لدواء الوارفارين متابعة منتظمة لاختبار يسمي INR لمتابعة سيولة الدم لتصل إلى النسبة المرجوة منها.
- عند تناولك لدواء الوارفارين سيخبرك طبيبك بعدم تناول الأطعمة المحتوية على فيتامين k لأنه يتداخل مع عمل الدواء.
- يتداخل الوارفارين مع عمل العديد من الأدوية، لذلك يجب عليك إخبار طبيبك بجميع أنواع الأدوية التي تتناولها لأي مرض لديك.
عزيزي القارئ، نظرًا لعدم قدرتك على الحركة في بداية الإصابة بالجلطة، نوفر لك في رها للرعاية الطبية المنزلية عمل الفحوصات المخبرية في منزلك بأعلى دقة وأسرع وقت لإجراء اختبار INR
بانتظام.
ثانيًا: ارتداء الجوارب الضاغطة
أثبتت الدراسات أن الجوارب الضاغطة تحسن أعراض آلام الساق والتورم بنسبة 50٪ على الأقل -لاسيما- عندما تُرتدى يوميًا من الصباح إلى المساء.
ثالثًا: الإجراءات الجراحية لعلاج جلطة الأوردة العميقة
يلجأ الطبيب إلى هذه الإجراءات، في حال كان لديك مانع من استخدام أدوية مميعات الدم، أو مازال جسمك يكون جلطات دموية بالرغم من تناول الدواء بانتظام.
ومن أمثلة هذه الإجراءات
مرشح الوريد الأجوف السفلي IVC
يلجأ الطبيب لعمل عملية جراحية تحت تأثير المخدر الموضعي؛ لإدخال مرشح الوريد الأجوف السفلي من خلال قسطرة عبر وريد كبير في الفخذ أو الرقبة ومنه إلى الوريد الأجوف السفلي، وبذلك يمنع وصول جلطات الدم إلى الرئتين.
جلطة الأوردة العميقة أثناء الحمل
لا يمكننا الحديث عن كل مايخص جلطة الأوردة العميقة دون أن نتطرق للحديث عن جلطة الأوردة العميقة أثناء الحمل وبعد الولادة.
تعد جلطة الأوردة العميقة أمراً غير شائع أثناء الحمل، ولكن كونك حامل يجعلك أكثر عرضة من غيرك للإصابة بالجلطة في أي مرحلة من مراحل الحمل وحتى ستة أسابيع بعد الولادة.
كما تزداد فرص إصابتك بجلطة الأوردة العميقة أثناء الحمل إذا كان لديك عامل من عوامل الخطورة مثل:
- في حال كان لديك أو لدى أحدا من أسرتك تاريخ مرضي للإصابة بالجلطة من قبل.
- عمرك أكبر من ٣٥ عاماً.
- حامل بتوأم.
- تعانين السمنة.
- أصيبت بعدوى أو إصابة شديدة مؤخرًا.
- لديك ثلاث أطفال أو أكثر.
- أصيبت بتسمم الحمل.
- خضعت لعمليات الإخصاب.
- خضعت لولادة قيصرية.
- لديك دوالي مزمنة ومؤلمة بالساقين.
- تعانين الجفاف.
- حدوث نزيف بعد الولادة.
- تعرضت لفترة مخاض طويل
في حال تحقق طبيبك من إصابتك بجلطة الأوردة العميقة، سيصف لك حقن مضادات التخثر مثل حقن الهيبارين -إذ لا تمثل خطورة على جنينك- طوال فترة الحمل وحتى ٦ أسابيع بعد الولادة.
بالإضافة إلى ذلك، ينصحك طبيبك ببعض النصائح
نصائح لتجنب إصابتك بجلطة جديدة خلال الحمل
- عمل علاج طبيعي أثناء الحمل.
- ممارسة التمارين الرياضية المناسبة للحامل.
- ارتداء الجوارب الضاغطة لتحسين الدورة الدموية في الساقين
عزيزتي الأم، إذا تعرضت للإصابة بالجلطة أثناء الحمل او شعرت بألم في ساقيك عليك زيارة عيادة النساء والولادة لمتابعة الحمل بانتظام، واتخاذ الإجراءات العلاجية اللازمة لعلاج الجلطة وتجنب المضاعفات.
ولأن اهتمامك بصحتك يعد أمرًا حتميًا -لاسيما- أثناء الحمل أوصيك باختيار أفضل طبيبة نساء وولادة في مجمع عيادات رها بالرياض لمتابعة حملك
كيفية الوقاية من جلطة الأوردة العميقة
يمكنك تجنب الإصابة بجلطة الأوردة العميقة باتباع تلك النصائح
- حافظ على وزن صحي
- امتنع عن التدخين.
- مارس الرياضة.
- اشرب الماء بكثرة.
- واظب على عمل الفحوصات المخبرية.
- عالج أي مشكلة صحية.
- غير وضعية الجلوس كل فترة.
- لا تضع ساق فوق ساق أثناء الجلوس.
- ارتداء الجوارب الضاغطة قبل العمليات الجراحية.
وأخيرًا،عزيزي القارئ يمكنك باتباع أسلوب حياة صحي، والالتزام بتوصيات الطبيب المعالج أن تتفادى جلطة الأوردة العميقة، أو تحد من آثارها.
المصادر
https://www.webmd.com/dvt/deep-vein-thrombosis-dvt-symptoms
https://www.nhs.uk/conditions/deep-vein-thrombosis-dvt/
https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/16911-deep-vein-thrombosis-dvt
https://www.ahajournals.org/doi/10.1161/CIRCULATIONAHA.113.006285