كثيرًا ما نسمع عن إصابة أحد الأقارب، أو الأصحاب -لاسيما- من كبار السن بالسكتة الدماغية، فهي خامس أكثر الأمراض سببًا للوفاة.
فهيا نتعرف على هذا المرض، وأعراضه وكيفية الوقاية منه.
ماهي السكتة الدماغية؟
تعرف السكتة الدماغية باسم جلطة المخ أو الجلطة الدماغية أيضًا، وهي نقص مفاجئ في الإمداد الدموي وما يحتويه من الأكسجين والجلوكوز اللازم لتغذية خلايا المخ، مما يسبب تلفًا فيها .
وجدير بالذكر، تزداد فرص التعافي كلما اكتشفت مبكرًا، وأخذت العلاج المناسب وعاد الإمداد الدموي للمخ في فترة زمنية قصيرة.
أنواع السكتة الدماغية
هناك ثلاث أنواع من الجلطة الدماغية
مثل
- السكتة الدموية الإقفارية وهي الأكثر انتشارًا
- السكتة الدماغية النزفية : ثاني أكثر السكتات انتشارًا
- النوبة الإقفارية العابرة (TIA)
مما لاشك فيه، تعد هذه الأنواع الثلاثة من السكتة الدماغية حالة طبية طارئة تستدعي التدخل فورًا لتفادي المضاعفات،
كما أن لكل نوع منها سببًا مختلفًا عن الآخر، دعونا نتعرف عليه في السطور القادمة.
أسباب السكتة الدماغية
بعد ما تعرفنا على أنواع السكتة الدماغية دعونا نعرف أسباب كل نوع منها
أولًا: أسباب السكتة الدماغية الإقفارية
تحدث السكتة الدماغية الإقفارية بسبب عرقلة سريان الدم إلى المخ؛ نتيجة لتكون جلطة في الوعاء الدموي المغذي له، مما يؤدي إلى انسداده وحرمان خلايا المخ من الغذاء والأكسجين مسببا تلفها.
وهناك ثلاثة أسباب رئيسية لحدوثها:
التخثر Thrombosis
عبارة عن جلطة دموية تتكون في إحدى أوعية المخ أو الرقبة.
الانسداد Embolism
وهي عبارة عن جلطة دموية تكونت في مكان ما بالجسم مثل القلب، ثم انتقلت إلى الأوعية الدموية في المخ أو الرقبة.
ضيق الشرايين Stenosis
وتحدث نتيجة لضيق الأوعية الدموية في المخ بسبب تراكم الرواسب الدهنية على جدران الشرايين.
ثانيا: أسباب السكتة الدماغية النزفية
تحدث بسبب تمزق أحد الأوعية الدموية داخل المخ، مما يؤدي إلى تسرب الدم خارجها وبالتالي قلة التروية الدموية للمخ، أو توقفها مسببًا تلفًا لخلايا الدماغ.
بالإضافة إلى ذلك، يعمل النزيف كقوة ضاغطة داخل الجمجمة على خلايا المخ الأخرى، مما يسبب تلفها أيضًا.
ثالثا: النوبة الإقفارية العابرة
يطلق عليها سكتة دماغية تحذيرية، هي عبارة عن سكتة دماغية إقفارية لكنها لا تستمر سوى فترة زمنية قصيرة، تتراوح من دقائق الى ساعات ثم تختفي ولا تسبب مضاعفات.
يرجى الانتباه، إلى أن النوبة الإقفارية العابرة تعد حالة طبية طارئة يجب الاتصال بالطبيب فورًا والبدء بالعلاج حتى لا تتحول إلى سكتة دماغية إقفارية كبرى.
وجدير بالذكر، تختلف مضاعفات السكتة الدماغية من فرد لآخر تبعا لطول المدة الزمنية التي تعرض فيها المخ للحرمان من الغذاء والأكسجين فمثلا :
- إذا توقف الإمداد الدموي فترة زمنية قصيرة، لا تتلف خلايا المخ.
- في حالة توقف الغذاء والأكسجين عن المخ لفترة زمنية طويلة، تتلف خلايا المخ، ولا يمكن إصلاحها.
وبعدما تعرفنا على أسباب الجلطة الدماغية، لا يفوتنا أن نتعرف على العوامل التي تزيد من احتمالية إصابتك بالسكتة الدماغية.
عوامل تزيد من خطر إصابتك بالسكتة الدماغية:
- السمنة لاسيما عندما يصل مؤشر كتلة الجسم 30 فما فوق
- قلة النشاط الحركي.
- شرب الكحوليات بكثرة.
- تناول المخدرات مثل الكوكايين.
- مدخن أو تتعرض للتدخين السلبي.
- تقدم العمر : تزداد الإصابة مع تقدم العمر، لاسيما فوق 55 عاما.
- الجنس: الرجال أكثر عرضة للإصابة عن النساء، ولكن يفوق عدد وفيات النساء من الجلطة الدماغية عدد وفيات الرجال.
- تناول حبوب منع الحمل أو أي علاج هرموني آخر.
- العرق: الأفراد ذوي البشرة الداكنة أكثر عرضة للإصابة بالجلطة الدماغية.
بالإضافة إلى العوامل السابقة، هناك عوامل أخرى تتعلق بتاريخك المرضي وحالتك الصحية مثل:
- إذا كنت تعاني ارتفاع ضغط الدم: إذا كان مقياس الضغط يساوي 140/90 مليمتر زئبق أو يزيد .
- مصاب بارتفاع الكولسترول في الدم : في حال كان معدل الكولسترول في الدم يساوي 200 ملليغرام / ديسيلتر أو يزيد.
- تعاني داء السكري.
- مصاب بمرض من أمراض القلب والأوعية الدموية.
- تعاني انقطاع النفس الانسدادي أثناء النوم.
- لديك تاريخ مرضي للإصابة بالسكتة الدماغية أو نوبة عابرة.
- ارتفاع مستويات الهوموسيستين بالدم.
- الإصابة بفيروس كورونا
Covid19
عزيزي القارئ، إذا كان لديك عاملاً من تلك العوامل، عليك بعمل الفحوصات المخبرية دوريًا، والانتباه جيدًا لمقدمات الجلطة والتي نستعرضها في السطور القادمة.
علامات تنذر بحدوث السكتة الدماغية
- تنميل في الوجه، والأطراف، وغالبًا في جانب واحد من الجسم.
- زغللة، وعدم وضوح الرؤية، أو عدم الرؤية في عين واحدة أو العينين معًا.
- عدم القدرة على التواصل، وصعوبة في الكلام.
- صداع شديد ومفاجئ.
- الشعور بالغثيان أو قيء مفاجئ دون سبب.
- دوار مفاجئ، وعدم القدرة على الاتزان
- صعوبة في المشي.
أعراض السكتة الدماغية عن النساء
بالإضافة للأعراض السابقة فهناك أعراض أخرى تختص بها النساء مثل:
- الفواق المفاجئ.
- الشعور بالغثيان المفاجئ.
- الإحساس بالضعف العام.
- آلام مفاجئة في الصدر.
- ضيق في التنفس.
- سرعة ضربات القلب.
إذا لاحظت -عزيزي القارئ- أي عرض مما سبق، انتبه جيدا لموعد بداية ظهور الأعراض، وتوجه فورًا لأقرب مستشفى؛ للتدخل الفوري ومنع تلف خلايا المخ.
يعد الحسم بأنك مصاب بالسكتة الدماغية أم لا ليس بالأمر الهين، لذلك إذا اشتبهت في إصابتك بالسكتة الدماغية أو أحد من أقاربك يمكنك التحقق من تلك الإصابة بعمل بعض الاختبارات البسيطة، وبعد ذلك تحدد هل تحتاج الرعاية الفورية أم لا.
اختبارات بسيطة تساعدك على التحقق من اصابتك بالجلطة الدماغية:
يوصي الأطباء بعمل هذه الاختبارات البسيطة عند الشك في إصابتك بجلطة دماغية، وتتلخص هذه الاختبارات في كلمة FAST بالإنجليزية وهي كالتالي:
- الوجه ( Face)
ابتسم أو اطلب من المصاب الابتسام، هل لاحظت تدلى أي من جانبي الوجه؟
- الذراع ( Arm)
ارفع ذراعيك لأعلى أو اطلب من المصاب رفع ذراعيه، هل لاحظت سقوط أحد الذراعين؟ أم أنك لا تستطيع رفع ذراع واحدة؟
- النطق ( Speech)
حاول تكرار جملة بسيطة أو اطلب من المصاب تكرار جملة بسيطة، ولاحظ هل يتداخل الكلام ويصعب تفسيره على غير العادة؟
- الوقت (Time)
انتبه للوقت، في حال كانت إجاباتك على الأسئلة السابقة بنعم.
واعلم أنه قد حان الآوان لطلب الرعاية الطبية العاجلة لتجنب المضاعفات الخطيرة والتي سنسردها لاحقًا.
مضاعفات السكتة الدماغية
تختلف مضاعفات السكتة الدماغية، وفقًا لموضع الإصابة، وطول المدة الزمنية التي توقف فيها الإمداد الدموي للمخ.
وإليك أهم مضاعفات السكتة الدماغية
- عدم القدرة على الحركة :
في حال كان تأثير الجلطة على المكان المختص بالحركة في المخ، قد تصاب بالشلل في نصف كامل من الجسم، أو تفقد التحكم في بعض العضلات مثل عضلات الوجه أو الذراعين.
- عدم القدرة على الكلام أو البلع :
في بعض الأحيان تؤثر الجلطة على عضلات الفم والحلق، وربما تسبب عدم وضوح الكلام أو التوقف التام عنه، وليس ذلك فحسب بل تؤدي إلى صعوبات في البلع أيضًا.
- مواجهة صعوبات في التفكير أو فقدان في الذاكرة في حال تأثير الجلطة على موضع الذاكرة والتفكير.
- الاكتئاب نتيجة التحديات الجديدة التي تواجهها، بعد الإصابة بالسكتة الدماغية
- الشعور بالألم: إذ أنه عندما تفقد الإحساس في جزء ما من الجسم ستشعر بوخز وتنميل وعدم الراحة في هذا الجزء.
- صعوبة القيام بأنشطة الحياة اليومية مما يؤدي للانعزال، واحتياج رعاية طبية من نوع خاص.
كثيرًا ما تسبب لك السكتة الدماغية إعاقة مؤقتة أو دائمة يصعب عليك وعلى من حولك التعامل معها لذلك تساعدك الرعاية الطبية المنزلية على القيام بجميع أنشطة حياتك اليومية، وتطبيق برامج إعادة التأهيل بعد السكتة الدماغية للتكيف مع التحديات الجديدة ولتنعم بحياة مستقلة مريحة.
كيفية علاج السكتة الدماغية
بداية، لعلاج السكتة الدماغية يفحص الطبيب التاريخ العائلي والمرضي لديك.
كما يجري لك بعد الفحوصات الطبية مثل الأشعة المقطعية، وعمل الرنين المغناطيسي على المخ، وبعد التأكد من التشخيص السليم للسكتة الدماغية يبدأ في إعطاء العلاج مثل:
أولًا: علاج السكتة الدماغية الإقفارية
- إعطاء أدوية مضادة للتخثر مثل الأدوية المضادة للصفائح الدموية مثل الأسبرين، وأدوية مميعات الدم مثل الهيبارين، وتعمل هذه المجموعة على منع الخلايا و الترسبات المتراكمة في الدم من الالتصاق وتكوين جلطة جديدة.
- أدوية مذيبات الجلطة
تعالج هذه المجموعة السكتة الدماغية بتفتيت الجلطة الدموية وإذابتها، ويعد دواء منشط البلازمينوجين النسيجي ( t-PA) هو الدواء الأكثر استخداما.
كما يشترط لعمل الدواء بكفاءة، أن يعطى في خلال ٤ ساعات من حدوث السكتة الدماغية الإقفارية، ولذلك يعد عامل الوقت هامًا جدًا في التعافي من الجلطة وتجنب المضاعفات.
- التدخل الجراحي يلجأ الأطباء للتدخل الجراحي لإزالة الجلطة في حال مرور أكثرمن ٤ساعات على حدوث الجلطة وفشل أدوية مذيبات الجلطة، أو في حال حدوث ضرر بالأوعية الدموية بغرض إصلاحها
علاج السكتة الدماغية النزفية
يبدأ العلاج بالبحث عن موضع النزيف والتحكم فيه.
في هذا النوع من السكتة الدماغية يُحذر استخدام الأدوية المذيبة للجلطة، لذلك يعد تحديد نوع السكتة قبل البدء بالعلاج أمرًا ضروريًا.
كما يلجأ الأطباء للتدخل الجراحي وذلك لإصلاح الضررالذي لحق بالأوعية الدموية، ولوقف النزيف وتخفيف الضغط على المخ، ولمنع حدوث جلطات أخرى.
ومن أمثلة تلك التدخلات الجراحية: عمليات القسطرة والدعامات واستئصال الشريان السباتي.
ما بعد السكتة الدماغية
تُعد الحياة بعد الإصابة بالسكتة الدماغية بمثابة مرحلة حياتية جديدة مليئة بالتحديات، والتي تختلف من فرد لآخر وفقًا لموضع الجلطة ومدى تأثيرها.
ولكن يمكنك التغلب أو التكيف مع هذه التحديات بالالتحاق بمراكز العلاج الطبيعي لتطبيق برامج إعادة التأهيل بعد الإصابة بالسكتة الدماغية وهي كالتالي
برامج إعادة تأهيل مصابي السكتة الدماغية
أولًا: العلاج الطبيعي
يعد العلاج الطبيعي أول برنامج لإعادة تأهيل المريض، حيث يساعده في تعلم الأنشطة الحركية السهلة مثل المشي، والوقوف، والجلوس، وغيرها من الحركات البسيطة.
ثانيًا: العلاج المهني
يشمل ممارسة الرياضة والتدريبات، كما يهدف إلى مساعدة المريض على تعلم العديد من الأنشطة اليومية مثل الأكل، والبلع، والشرب، والقراءة والكتابة، والاستحمام،.. وغيرها.
ثالثًا: التخاطب
يساعد برنامج التخاطب على استعادة النطق، وتعلم مهارات اللغة والتواصل.
ومما هو جدير بالذكر، يَصلح هذا البرنامج لمرضى ليس لديهم مشاكل في الإدراك، بل لديهم مشاكل في فهم الكلمات وتكوينها.
تساعدك الرعاية الطبية المنزلية في تنفيذ برامج إعادة التأهيل، لتخطي تلك الصعوبات والعيش حياة مرضية.
كيفية الوقاية من المرض
- التحكم في ارتفاع ضغط الدم والمتابعة المنتظمة.
- الحفاظ على نسبة السكر في الدم في المعدل الطبيعي.
- قياس نسبة الكوليسترول في الدم والدهون الثلاثية بانتظام
يمكنك التحكم فيه بتطبيق نظام غذائي صحي والحد من الدهون المشبعة والأكلات السريعة، وإذا لم تستطع التحكم في مستوى الكوليسترول بتعديل نظام حياتك، فعليك بتناول الأدوية المخفضة للكوليسترول
- الإقلاع عن التدخين، وتجنب التدخين السلبي.
- اتباع نظام غذائي صحي غني بالفواكه والخضروات.
- ممارسة التمارين الرياضية بانتظام.
- إجراء الفحوصات المخبرية الدورية
أخيرًا، الوقاية خيرٌ من العلاج، واتباع أسلوب حياة صحي هو السبيل الأمثل لحمايتك من الأمراض -لا سيما- السكتة الدماغية ؛ كي تنعم بحياة هانئة.
المصادر
https://www.nia.nih.gov/health/stroke
https://www.nia.nih.gov./health/rehabilitation-after-stroke