المقدمة:
حين يتحول تيبس العمود الفقري إلى رفيق دائم، ويصبح ألم الظهر أكثر من مجرد تعب مؤقت، قد يكون السبب هو التهاب الفقرات التصلبي، المعروف أيضًا بالتهاب الفقار اللاصق. هذا النوع من التهاب الفقرات المزمن قد يؤثر بشكل كبير في جودة حياة المريض، ويساعد فهم أسبابه وأعراضه وطرق علاجه على سهولة التعامل معه وتفادي مضاعفاته الخطيرة.
في هذا المقال، نستعرض تأثير التهاب الفقرات التصلبي على جودة الحياة وكيفية التكيف معه، ونوضح ما هو المرض، والفرق بينه وبين التهاب المفاصل الروماتويدي، ونستعرض أعراضه، وأسباب الإصابة به، وطرق التشخيص والعلاج بدءًا من الأدوية والعلاج الطبيعي وحتى الجراحة في الحالات المتقدمة، كذلك نناقش المضاعفات المحتملة، ونجيب عن الأسئلة الشائعة مثل: هل يمكن الشفاء منه؟ وما هي أسباب آلام المفاصل والظهر؟ لا تفوّت فرصة التعرّف على هذا المرض عن قرب، فالمعرفة هنا هي أول خطوات السيطرة والتعايش الذكي معه.
الموضوع:
ما هو التهاب الفقرات التصلبي؟
يُعرف التهاب الفقرات التصلبي (ankylosing spondylitis) أو ما يُسمى أيضًا بالتهاب الفقار المقسط أو التهاب الفقار اللاصق بأنه شكل من التهاب المفاصل المزمن، يصيب بشكل رئيسي العمود الفقري ويؤدي إلى التهابه على المدى الطويل.
يُعد التهاب الفقرات التصلبي من أنواع التهاب الفقرات المزمن التي تظهر عادة في سن المراهقة أو الشباب، ويتميز بما يلي:
- تصلب تدريجي في العمود الفقري يسبب التحام الفقرات معًا.
- فقدان مرونة العمود الفقري، مما قد يؤدي إلى انحناء القامة.
- صعوبة في التنفس العميق إذا تأثرت الضلوع.
لا يمكن الشفاء التام من المرض، لكن العلاجات المتاحة تهدف إلى تخفيف الأعراض وإبطاء تطور الحالة، وهذا ما سنوضحه بطول المقال، أما في الفقرة التالية، نناقش الفرق الجوهري بين التهاب الفقرات التصلبي والتهاب المفاصل الروماتويدي.
الفرق بين التهاب الفقرات التصلبي والتهاب المفاصل الروماتويدي
مع أن التهاب الفقرات التصلبي (التهاب الفقار اللاصق) والتهاب المفاصل الروماتويدي (Rheumatoid arthritis) يندرجان تحت مظلة التهابات المفاصل المزمنة، إلا أن لكل منهما طابعًا سريريًا مختلفًا من ناحية الأعراض، والفئة العمرية المستهدفة، وموضع الإصابة.
إليك مقارنة مبسطة توضح أبرز الفروقات:
وجه المقارنة |
التهاب المفاصل الروماتويدي (RA) |
التهاب الفقرات التصلبي (AS) |
---|---|---|
العمر عند البداية |
غالبًا بعد سن الأربعين. |
عادة قبل سن الثلاثين. |
الشيوع حسب الجنس |
أكثر شيوعًا لدى النساء. |
أكثر شيوعًا لدى الرجال. |
مكان الإصابة الأساسي |
المفاصل الصغيرة في الأطراف. |
العمود الفقري والمفاصل الكبيرة خارجه. |
ما هي أعراض التهاب الفقرات التصلبي؟
تبدأ أعراض التهاب الفقرات التصلبي أو ما يُعرف بالتهاب الفقار المقسط أو التهاب الفقار اللاصق تدريجيًا، وغالبًا ما تظهر بين عمر 18 إلى 40 عامًا.
وتشمل أبرز الأعراض ألم أسفل الظهر وتيبس العمود الفقري، ولا سيما في الصباح الباكر أو بعد الجلوس لفترات طويلة، وقد يصاحب الحالة ما يلي:
- ألم في الوركين أو الأرداف.
- تيبس يخف مع الحركة ويزداد مع الراحة.
- التهاب مفاصل الكتفين أو الوركين.
- التهاب الطُعْم المَغْروس (Enthesitis)، وهو التهاب في أماكن ارتباط الأوتار والعظام، ولا سيما في الكعب أو الصدر.
- إرهاق عام وفقدان للطاقة.
- التهابات في العين (مثل التهاب القزحية).
- مشكلات في الجلد والأمعاء.
متى يجب زيارة الطبيب؟
يُنصح بمراجعة الطبيب في الحالات الآتية:
- ظهور ألم أسفل الظهر تدريجيًا، يوقظك ليلًا أو يسوء في الصباح ويتحسن مع التمارين أو الحركة.
- الشعور بتصلب في العمود الفقري يستمر لأكثر من 30 دقيقة صباحًا.
- ظهور ألم في مؤخرة الكعب، أو صعوبة في أخذ نفس عميق بسبب ألم في الصدر.
- حدوث التهاب في العين مع احمرار، أو ألم، أو تشوش في الرؤية، وهنا يجب مراجعة طبيب العيون في عيادة الطب العام على الفور.
لفهم ما الذي يقف خلف هذه الأعراض، ننتقل إلى الفقرة التالية: الأسباب والعوامل المساهمة في الإصابة بالتهاب الفقرات التصلبي.
الأسباب والعوامل المساهمة في الإصابة بالتهاب الفقرات التصلبي
لا يُعرف حتى الآن السبب المؤكد وراء الإصابة بالتهاب الفقار المقسط، لكن يُعتقد أن العامل الوراثي يلعب دورًا كبيرًا، ولا سيما لدى الأشخاص الذين يحملون جينًا يُسمى HLA-B27، ويوجد لدى أكثر من 80٪ من المصابين، لكنه لا يعني بالضرورة أن الشخص سيُصاب، بل فقط يزيد من احتمال حدوث المرض.
كذلك فإن المرض قد يظهر في بعض العائلات، وينتقل من الآباء إلى الأبناء، لكن حتى لو وُرث الجين، فإن احتمالية الإصابة الفعلية لا تتجاوز 10٪.
لتشخيص المرض بدقة وتمييزه عن غيره من الحالات المشابهة، ننتقل إلى الفقرة التالية: كيف يتم تشخيص التهاب الفقرات التصلبي؟
كيف يتم تشخيص التهاب الفقرات التصلبي؟
مع أن التهاب الفقرات التصلبي أو التهاب الفقار المقسط من الأمراض المزمنة التي تتطور ببطء، إلا أن تشخيصه ليس بالأمر السهل؛ إذ لا يوجد اختبار محدد يشخصه بدقة، بل يعتمد الطبيب على مزيج من الفحص السريري والتحاليل والأشعة.
تشمل خطوات التشخيص ما يلي:
- مراجعة شكوى المريض، مثل: ألم أسفل الظهر مستمر يتحسن مع الحركة ويزداد مع الراحة.
- اختبارات الدم للكشف عن مؤشرات الالتهاب أو وجود جين يسمى HLA-B27 .
- التصوير بالأشعة السينية أو الرنين المغناطيسي لتحديد التغيرات في مفاصل الحوض والعمود الفقري.
- الفحص السريري؛ للتحقق من تيبس العمود الفقري وضعف مرونة الصدر، من خلال اختبار حركة الظهر وقدرة المريض على التنفس بعمق.
ننتقل الآن إلى السؤال الأهم: ما هي طرق علاج التهاب الفقرات التصلبي؟
ما هي طرق علاج التهاب الفقرات التصلبي؟
للأسف لا يوجد علاج شافٍ لمرض التهاب الفقرات التصلبي (أو ما يُعرف أيضًا بالتهاب الفقار المقسط أو التهاب الفقار اللاصق أو حتى التهاب الفقرات المزمن)، ولكن تهدف الخيارات العلاجية المتاحة إلى تخفيف الأعراض، وتقليل ألم أسفل الظهر، وإبطاء تطور المرض، والحفاظ على مرونة العمود الفقري وجودة الحياة.
تشمل الخيارات العلاجية ما يلي:
الأدوية
هناك عدة أدوية قد تساعد في تخفيف الأعراض وتشمل ما يلي:
- مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs)، مثل: الإيبوبروفين والنابروكسين، كخيار أول لتخفيف ألم الظهر وتيبس الفقرات.
- الأدوية البيولوجية مثل مثبطات TNF (مثل أداليموماب، إيتانيرسيبت) أو مثبطات إنترلوكين -17 (IL-17) مثل سيكوكينوماب، إضافة إلى مثبطات جانوس كيناز (JAK) التي تؤخذ فمويًا، وتعد هذه الخيارات بديلًا فعالًا لمضادات الالتهاب غير الستيرويدية.
العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية
يُعد العلاج الطبيعي ركيزة أساسية، ويشمل:
- تمارين التمدد وتحسين مدى الحركة.
- تقوية عضلات الظهر والبطن.
- تصحيح أوضاع النوم والمشي لدعم صحة العمود الفقري.
الجراحة في الحالات المتقدمة
نادرًا ما تكون الجراحة ضرورية، لكنها تُستخدم عند وجود تلف شديد في المفاصل، أو لتقويم انحناء العمود الفقري.
وفي حال إهمال العلاج المبكر والفعال، فقد تظهر مضاعفات التهاب الفقرات التصلبي التي تستدعي اهتمامًا خاصًا ونوضحها في السطور القادمة.
مضاعفات التهاب الفقرات التصلبي
مع أن بعض مرضى التهاب الفقرات المزمن يعيشون باستقلالية شبه كاملة، إلا أن تطور المرض قد يؤدي إلى مضاعفات تؤثر بشكل كبير في جودة الحياة. من أهمها ما يلي:
- تيبس العمود الفقري نتيجة التحام الفقرات ببعضها، مما يُفقده مرونته الطبيعية.
- ضعف العظام (هشاشة العظام) الذي يزيد من خطر الكسور.
- التهاب العين، ويظهر كألم مفاجئ واحمرار وحساسية للضوء.
- أمراض القلب، مثل: اتساع الشريان الأورطي وتأثر صمامات القلب.
لذلك، فإن المتابعة الدورية والعلاج المبكر أساسيان لتقليل هذه المخاطر المرتبطة بالتهاب الفقرات المزمن.
الخاتمة:
ختامًا، يُعد التهاب الفقار المقسط من الأمراض المزمنة التي تحتاج إلى تشخيص دقيق وعلاج فعال لتخفيف الأعراض وتحسين جودة الحياة.
تقدم عيادات رها دورًا مميزًا في تشخيص التهاب الفقرات التصلبي، إذ توفر استشارات طبية متخصصة وبرامج علاجية شاملة تتضمن العلاج الطبيعي والأدوية البيولوجية، وتضمن العيادات متابعة الحالة وتقديم الدعم المستمر للمرضى لضمان التخفيف من الألم.؛ فمتى ما كنت تعاني من ألم أسفل الظهر مستمر أو أعراض مشابهة، ننصحك بزيارة مجمع عيادات رها للحصول على التشخيص الدقيق والعلاج المناسب.
المصادر: